عن أصحاب المغازي أن هاتفاً هتف على جبل أبي قبيسٍ بشعرٍ فيه تعريضٌ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، فما مرتْ ثلاثة أيامٍ حتى هتف هاتف على الجبل يقولُ :
نحن قتلنا في ثلاثٍ مِسعرا ** إذ سفّه الحقّ وسنَّ المنكرا
قنّعتُهُ سيفاً حسـاماً مبترا** بشتمه نبيّنـــا المطهّرا
ومسعرٌ – كما في الخبر – اسمُ الجنيّ الذي هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم .
ومن صور كلاءة الله لنبيه ممن تعرض له بالأذى أن يحولَ بين المعتدي وبين ما أرادَ بخوفٍ يقذفُهُ في قلبِهِ ، أو ملكٍ يمنعُهُ مما أراد ..
التاسعة عشر: رُوِيَ أن غوثَ بن الحارثِ قال لأقتلنَّ محمداً ، فقال له أصحابه : كيف تقتله ؟ قال : أقول له أعطني سيفك ، فاذا أعطانيه قتلته به . فأتاه فقال : يامحمد أعطني سيفك أشمّه ، فاعطاه إياه فرُعِدَت يدُهُ ، فسقط السيفُ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حال الله بينك وبين ماتريد ) [ الدر المنثور 3/119 ] .
العشرون:. حماية الملائكة - بأمر الله - للنبي صلى الله عليه وسلم في حادثة مع أبي جهل ما رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ - أي يسجد كما كان يصلي عند الكعبة - بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَالَ فَقِيلَ نَعَمْ فَقَالَ وَاللاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ قَالَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ قَالَ فَمَافَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ قَالَ فَقِيلَ لَهُ مَا لَكَ ؟ فَقَالَ إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلا وَأَجْنِحَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ الْمَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .. ( كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى - يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ - أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ - يَعْنِي قَوْمَهُ - سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلا لا تُطِعْهُ .. سورة القلم) .. صحيح مسلم 2797 ذكره ابن كثيرٍ في تفسيره [ 4/530 ]
الحادي والعشرون: وعن ابن عباس رضي الله عنه أنّ رجالاً من قريش اجتمعوا في الحجر ، ثم تعاقدوا أن لو قد رأوا محمدا لقد قمنا إليه مقام رجل واحدٍ فقتلناه قبل أن نفارقه ، فأقبلت ابنته فاطمة تبكي حتى دخلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت : هؤلاء الملأ من قومك لقد تعاهدوا لو قد رأوك قاموا إليك فقتلوك ، فليس منهم رجل واحدٌ إلا قد عرف نصيبه من دمك . فقال : ( يا بنية اتيني بوضوء ) ، فتوضأ ، ثم دخل عليهم المسجد ، فلما رأوه قالوا : هاهو ذا ، وخفضوا أبصارهم ، وسقطت أذقانهم في صدورهم ، فلم يرفعوا إليه بصراً ، ولم يقم منهم إليه رجل ، فأقبل النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم ، وأخذ قبضة من التراب ثم قال : ( شاهت الوجوه ) ، ثم حصبهم بها فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصا حصاةٌ إلا قتل يوم بدر كافراً . [ دلائل النبوة 1/65 ]
ومن صور هذه الحماية الربانيةِ أنْ يغيّر الله السنن الكونيةَ صيانةً لنبيّه صلى الله عليه وسلم ورعايةً له . وشاهدُ ذلك قصةُ الشاةِ المسمومةِ ،الحادية والعشرون فإنّ زينب بنت الحارثِ جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مشويةٍ دست فيها سماً كثيراً ، فلما لاك النبيّ صلى الله عليه وسلم منها مضغةً لم يسغها ، وقال : ( إن هذا العظمَ يخبرني أنّه مسمومٌ ) ! ثم دعا باليهودية فاعترفت .
وهنا معجزتان الأولى: أنّه لم يتأثّر صلى الله عليه وسلم بالسمّ الذي لاكه، والثانية: أن الله أنطقَ العظمَ فأخبر بما فيه .
ومن صور الكفاية الربانية لنبي الهدى صلى الله عليه وسلم ممن آذاه أن يقذف الله في قلب هذا المؤذي المعتدي الإسلام ، فيؤوبَ ويتوبَ ، حتى يكونَ الرسول صلى الله عليه وسلم أحبّ إليه من ماله وولده ووالده والناس أجمعين !!
الثانية والعشرون: قصة أبي سفيان بن الحارثِ أخو النبيّ صلى الله عليه وسلم من الرضاع ، وكان يألف النبيّ صلى الله عليه وسلم أيام الصبا وكان له تِرْباً ، فلما بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم عاداه أبو سفيان عداوةً لم يعادها أحداً قطّ ، وهجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجا أصحابَهُ .. ثم شاء الله أن يكفيَ رسولَه صلى الله عليه وسلم لسان أبي سفيان وهجاءه ، لا بإهلاكه وإنما بهدايتِهِ !! قال أبو سفيان عن نفسِهِ : ثم إن الله ألقى في قلبي الإسلام ، فسرت وزوجي وولدي حتى نزلنا بالأبواء ، فتنكرتُ وخرجتُ حتى صرت تلقاء وجه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلما ملأ عينيه مني أعرض عنّي بوجهه إلى الناحية الأخرى ، فتحولت إلى ناحية وجهه الأخرى .
قالوا : فما زال أبو سفيانَ يتبعُهُ ، لا ينزلُ منزلاً إلا وهو على بابه ومعه ابني جعفر وهو لا يكلمه ، حتى قال أبو سفيان : والله ليأذنن لي رسول الله أو لآخذن بيد ابني هذا حتى نموت عطشاً أو جوعاً ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رقّ لهما فدخلا عليه . [ انظر سيرة ابن هشام 4/41 ] .
الثالثة والعشرون: ومن ذلك أن أبا لهب خرج يوماً وقد اجتمعت قريش، فقالوا له : يا أبا عُتبة ، إنك سيدنا، وأنت أولى بمحمد منا، وإن أبا طالب هو الحائلُ بيننا وبينه ، ولو قتلتَه لم ينكِر أبو طالب ولا حمزةُ منك شيئاً، وأنت بريء من دمه ، فنؤدي نحن الدية ، وتسودُ قومَك، فقال: فإني أكفيكم ففرحوا بذلك، ومدحَتْه خطباؤهم.
فلما كان في تلك الليلة، نزل أبو لهب، والنبي e يصلي، وتسلقت زوجه أم جميل الحائط حتى وقفت على رسول الله e وهو ساجد، فصاح أبو لهب، فلم يلتفت إليه، فجمدت أقدامهما، وبقيا لا يقدران على شيء حتى تفجر الصُبح، فقال أبو لهب: يا محمد أطلق عنا، فقال: ما كنت لأطلق عنكما، أو تضمنا لي أنكما لا تؤذياني. قالا : قد فعلنا. فدعا ربه فرجعا.
وروى ابن عباس رضي الله عنهما: أنه لما نزل قوله تعالى: }تبت يدا أبى لهبٍ وتب{ (المسد: 1)، جاءت أم جميلٍ ،: " امرأةُ عمه أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيَك، فلو قُمت، قال: ((إنها لن تراني)) وفي رواية (إنه سيحال بيني وبينها" ) فجاءت أم جميل، فقالت لأبي بكر: إن صاحبك هجاني؟! قال: لا، وما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مصدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لم ترَك؟! قال: ((لا، لم يزل ملك يسترني عنها بجناحه)).. رواه البزار في مسنده ( 1 / 68 ) ، وقال : وهذا الحديث حسن الإسناد . وكذا حسَّنه ابن حجر في " فتح الباري " ( 8 / 958 ) .
وقصة أخرى عنها قبحها الله كما ذكر ذلك ابن حجر فتح الباري " ( 8 / 921 ) .
= عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال : اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا فجاءت امرأة فقالت : يا محمد ! إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركَك لم أره قَرِبَك منذ ليلتين أو ثلاثة ! فأنزل الله عز وجل { والضحى . والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى } " . رواه البخاري ( 4667 ) ومسلم ( 1797 ) .
الرابعة والعشرون: قصة الأعرابي ، ففي البخاري ، عن جابر رضي الله عنه ، أنه – أي جابر - غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ناحية نجد ، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع جابر معه، فأدركتهم القائلة – أي نوم الظهيرة - في وادٍ كثير الهوام ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرّق الناس يستظلون بالشجر ، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة وعلّق بها سيفه ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا الصحابة ، وإذا عنده أعرابي فقال : ( إن هذا اخترط عليّ سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال من يمنعك مني ؟ فقلت : الله – ثلاثاً - ) .
وعند الإمام أحمد بسند صحيح أن الأعرابي قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ، فقال : من يمنعك مني ؟ قال : ( الله عز وجل ) ، فسقط السيف من يده ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( من يمنعك مني ؟ ) ، فقال : كن كخير آخذ ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ ) ، قال : لا ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ، ولا أكون مع قوم يقاتلونك . فخلى سبيله ، فذهب الأعرابي إلى أصحابه فقال لهم : " قد جئتكم من عند خير الناس " .
وجوب نصرته، وقيام كل بما يستطيع، قال الله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفتح:9]، وقال: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ)[التوبة:40]،
عدم الاتكال ويجب بذل الأسباب.
__________________[/size][/color]
****************************
ألبــــوم الصـــور
&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*
للأتصال والأستفســـارVe][size=24]size]a2001_s2001@hotmail.com